استقرت أسهم التكنولوجيا الأمريكية يوم الثلاثاء (4 فبراير) بعد أن هبطت يوم الاثنين في أعقاب الارتفاع المفاجئ لتطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني الصنع DeepSeek، وارتفعت أسهم شركة نيفادا العملاقة للرقائق بنسبة 8.8% بعد أن هبطت يوم الاثنين بأكثر من 3%، حيث قال الخبراء إن عمليات بيع أسهم التكنولوجيا ربما كان رد فعل مبالغ فيه، لقد فر المستثمرون من تداول الأسهم الخاصة بالذكاء الاصطناعي الأمريكية وسط دهشتهم من بديل صيني جديد أرخص ولكنه لا يزال فعالاً.
أصدرت DeepSeek نموذج لغة كبير (LLM) في أواخر ديسمبر والذي كان أداءه مماثلاً لـ OpenAI وأنظمة الذكاء الاصطناعي الأخرى على الرغم من القيود التي فرضتها الحكومة الأمريكية على صادرات الرقائق المتقدمة، في 20 يناير أصدرت DeepSeek نموذج لغة كبير آخر قالت إنه تم تدريبه بجزء بسيط من تكلفة أنظمة الذكاء الاصطناعي من شركة OpenAI وشركة جوجل وشركة ميتا وشركات أمريكية أخرى.
بينما طورت OpenAI وجوجل نماذج ذكاء اصطناعي خاصة، اعتمدت DeepSeek على تقنية “مفتوحة المصدر” فائقة الكفاءة وتقنيات تدريب النماذج المبتكرة، اختلفت التقارير حول شرائح نيفادا التي يستخدمها ديبسيك لبناء نماذج الذكاء الاصطناعي، في حين تشير بعض التقارير إلى شرائح H800 الأقل قوة، يزعم البعض الآخر أن شركة DeepSeek تستخدم شرائح H100 Nvidia AI الأكثر تقدمًا على الرغم من قيود التصدير الأمريكية.
ما هو DeepSeek؟
DeepSeek هي شركة ذكاء اصطناعي صينية مقرها هانغتشو نشأت قبل عامين، هدفها المعلن هو صنع ذكاء اصطناعي عام وهو مصطلح لذكاء على مستوى الإنسان لم تحققه أي شركة تكنولوجيا حتى الآن، ولكن قد يكون ذلك أحد الأسباب التي جعلت علماء الكمبيوتر في DeepSeek يتخذون نهج مختلف لانشاء نموذج الذكاء الاصطناعى الخاص بهم، ونتيجة لذلك يبدو تشغيله أرخص بكثير من منافسيه في الولايات المتحدة.
يبدو أن هناك سببًا آخر وراء تبني الشركة لنهج التكلفة المنخفضة، وهو حقيقة مفادها أن علماء الكمبيوتر الصينيين اضطروا منذ فترة طويلة إلى العمل في حدود عدد شرائح الكمبيوتر المتاحة لهم، نتيجة للقيود التي فرضتها الحكومة الأمريكية.
لماذا لم نسمع عنها من قبل؟
لقد كانت تعمل شركة ديبسيك في هدوء وتبهر عالم الذكاء الاصطناعى بالابتكارات التقنية على مدي الفترة الماضية، ولكنها أخذت الانظار والاهتمام حولها بسبب معدل التكلفة المنخفض بالنسبة إلي الأداء المتميز مقارنة بالنماذج التى تصنعها شركة ميتا مثل (Llama) وOpenAI (Chat GPT)، ولم تكن الشركة تُحدث ضجة كبيرة تجاه إمكاناتها مقارنة بشركات وادى السليكون، لقد كانوا يضخون إعلانات عن منتجاتهم لعدة أشهر وسط قلق متزايد بشأن تحقيق عوائد أخيرًا على استثماراتهم التى تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، لكن من المتوقع أن نرى المزيد من شعارات الحوت الأزرق المبهجة لشركة DeepSeek في ظل قيام العديد والعديد من الأشخاص حول العالم بتنزيله للتجربة.
ما هو نموذج R1 الذي يتحدث عنه السوق؟
هذا هو نموذج الذكاء الاصطناعي لشركة DeepSeek الذي يثير حماسة الناس في الوقت الحالي لأنه يدعي أن أداءه على قدم المساواة مع نموذج OpenAI’s o1 والذي تم إصداره لمستخدمي Chat GPT في ديسمبر، في يوم الاثنين (3 فبراير) كان التطبيق المجانى الأكثر شعبية وانتشارًا الذى تم تنزيله علي متجر تطبيقات آبل في المملكة المتحدة وأجزاء أخرى من العالم.
يستخدم هذا النموذج نوعًا مختلفًا من البنية الداخلية التي تتطلب استخدامًا أقل للذاكرة، وبالتالي تقلل بشكل كبير من التكاليف الحسابية لكل بحث أو تفاعل مع نظام على غرار chatbot، وقد أشاد به الباحثون لقدرته على معالجة مهام التفكير المعقدة وخاصة في الرياضيات والترميز ويبدو أنه ينتج نتائج قابلة للمقارنة مع المنافسين مقابل جزء بسيط من قوة الحوسبة.
قالت DeepSeek إن الأمر استغرق شهرين وأقل من 6 ملايين دولار لتطوير النموذج، على الرغم من أن بعض المراقبين يحذرون من أن هذا من المرجح أن يكون أقل من التقدير، ومع ذلك، فإن هذا المبلغ أقل كثيراً من المليارات التي تنفقها شركات التكنولوجيا في وادي السليكون على تطوير الذكاء الاصطناعي، كما أن تشغيله أقل تكلفة.
من المسؤول عن شركة ديبسيك؟
أحد الشخصيات الرئيسية هو “ليانج وينفينج” الذي كان يدير صندوق تحوط كمي صيني يمول الآن DeepSeek، وفي مقابلة نادرة، قال: “لسنوات عديدة، اعتادت الشركات الصينية على قيام الآخرين بالابتكار التكنولوجي بينما ركزنا على تحقيق الدخل من التطبيقات، في هذه الموجة، لا تتمثل نقطة البداية لدينا في الاستفادة من الفرصة لتحقيق ربح سريع، بل الوصول إلى الحدود التقنية ودفع تطوير النظام البيئي بأكمله، نعتقد أنه مع تطور الاقتصاد يجب أن تصبح الصين تدريجياً مساهمًا بدلاً من الركوب المجاني”.
شركة DeepSeek تستهدف الذكاء الاصطناعي العام
أسس الرئيس التنفيذي لشركة Deepseek “ليانج وينفينج” أيضًا High-Flyer وهو صندوق تحوط كمي صيني، وفي مقابلة أجريت مؤخرًا، قال وينفينج إن ديبسيك تهدف إلى تطوير الذكاء الاصطناعي العام الشبيه بالإنسان مع هياكل معمارية جديدة، وقال: “وجهتنا هي الذكاء الاصطناعي العام، مما يعني أننا بحاجة إلى دراسة هياكل نموذجية جديدة لتحقيق قدرة نموذجية أقوى بموارد محدودة”.
قال “دانييل ايفز”وهو أحد المحللين البارزين المتفائلين بشأن أسهم الذكاء الاصطناعي في مذكرة بحثية: “يبقي أن نري ما إذا كان DeepSeek قد وجد طريقة للالتفاف على قواعد قيود الرقائق هذه وما هى الرقائق التى تم استخدمتها فى النهاية حيث سيكون هناك العديد من المتشككين تجاه هذه المسألة نظرًا لأن المعلومات تأتى من الصين”.
وأضاف: “من الواضح أن أسهم التكنولوجيا تتعرض لضغوط هائلة بقيادة إنفيديا حيث ستنظر وول ستريت إلى DeepSeek كتهديد كبير لهيمنة التكنولوجيا الأمريكية وامتلاك ثورة الذكاء الاصطناعي هذه، في حين أن النموذج مثير للإعجاب وسيكون له تأثير متموج، فإن الواقع هو أن Mag 7 والتكنولوجيا الأمريكية تركز على لعبة الذكاء الاصطناعي العام النهائية مع كل البنية التحتية والنظام البيئي الذي تمتلكه الصين.
في خدمات الحوسبة السحابية، تجعل DeepSeek نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها متاحة لمطوري البرامج بأسعار أقل بكثير من نماذج OpenAI.
لماذا تراجعت أسهم التكنولوجيا الأمريكية؟
شهدت العديد من أسهم التكنولوجيا الكبري تراجعًا كبيرًا بعد الأخبار التي انتشرت بالأداء المذهل لروبوت الدردشة DeepSeek علي نطاق كبير في عطلة الأسبوع الماضي، وقد قالت شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبري فى الأيام الأخيرة أنها تتعهد باستثمار الملايين من الدولارات فى الذكاء الاصطناعى، والذي سيذهب الكثير منه إلي مصادر الطاقة الضرورية وانشاء البنية التحتية للحوسبة، وذلك من أجل الوصول إلي هدف الذكاء الاصطناعى العام.
ما هو مصدر القلق بالنسبة لشركة نيفادا؟
تعد Nvidia من احدي الشركات التى استفادت أكثر من الطفرة التي حدثت في الذكاء الاصطناعى، لقد تحولت من كونها صانعة لبطاقات الرسومات لألعاب الفيديو إلي شركة صانعة مهيمنة للرقائق الإلكترونية المستخدمة في الذكاء الاصطناعى، من المتوقع أن يتساءل العديد من شركات التكنولوجيا التى تنظر إلي DeepSeek بحذر عما إذا كان هناك حاجة إلي شراء كبير من منتجات شركة نيفادا.
ولكن ما الذي لم تفعله شركة DeepSeek؟
لم تصل ديبسيك إلى الذكاء الاصطناعي العام، وهو الحد الذي يبدأ عنده الذكاء الاصطناعي في التفكير والذي تسعى إليه شركة OpenAI وغيرها من الشركات في وادي السيليكون، وحذر “سام ألتمان” الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI من أن الاختراق من غير المرجح أن يكون وشيكًا، ولكن يبدو أنها تفعل ما يستطيع الآخرون القيام به مقابل جزء بسيط من التكلفة.
هل صعود DeepSeek خبر جيد؟
إن قدرات الذكاء الاصطناعى المتطورة تبدو الآن قابلة للتحقيق دون الضرورة لاستخدام قوة حسابية هائلة والطاقة والرقائق الدقيقة ومياه التبريد والتى كان يُعتقد في السابق أنه أمر ضروري، وكما الحال مع جميع الإختراقات التكنولوجية فالوقت سيساعد فى تحديد مدي أهميتها في الواقع.
أسهم الذكاء الاصطناعي تثير تساؤلات
قال المحلل “سريني باجوري” من شركة ريموند جيمس في تقرير يوم الأحد الماضي: “من الواضح أن ديبسيك لا تتمتع بالقدرة على الوصول إلى قدر كبير من الحوسبة مثل الشركات العملاقة في الولايات المتحدة، وتمكنت بطريقة ما من تطوير نموذج يبدو تنافسيًا للغاية، والسؤال الطبيعي هو، كيف سيؤثر ظهور DeepSeek على نمو كثافة الحوسبة والطلب على الأجهزة وأشباه الموصلات؟”
كانت الشركات الناشئة OpenAI وAnthropic تتنافس مع جوجل وميتا وغيرها في تطوير نماذج أساسية لغوية كبيرة ومتعددة الوسائط وصغيرة، ووفقًا لشركة أبحاث البيانات Sensor Tower، تجاوز مساعد الذكاء الاصطناعي من DeepSeek تطبيق ChatGPT من OpenAI على متجر تطبيقات آبل في الولايات المتحدة، وعلاوة على ذلك، ادعت ديبسيك أنها قامت بانفاق نحو 5.6 مليون دولار علي مدي شهرين بهدف تطوير نموذج الذكاء الاصطناعى.
وفي الوقت نفسه، أشار الخبير الاقتصادي “إيد يارديني: فى تقرير نُشر يوم الأحد إلى أن نجاح DeepSeek قد يؤثر على تقارير الأرباح الأمريكية، وسط ارتفاعات كبيرة فى الإنفاق الرأسمالى من قبل شركة جوجل وشركة ميتا وشركة ميكروسوفت وغيرها، وتعد شركة ميكروسوفت أكبر مستثمر في OpenAI.
هل ديبسيك أخبار سيئة لـ Mag-7 و Nvidia؟
وأضاف يارديني: قد تكون هذه أخبارًا سيئة للشركات السبعة العملاقة ( Magnificent 7 ) التي كانت لديها خطط لكي تهيمن علي سوق الذكاء الاصطناعى بخدمات الذكاء الاصطناعى الباهظة الثمن، والسؤال هنا هو ما إذا كانوا سيخيبون الآمال لأن إنفاقهم الرأسمالي على الذكاء الاصطناعي يرتفع بشكل أسرع من عائداتهم، ويمكن أن يضغط هذا على هامش الربح الجماعي لديهم”.
ويتابع قائلًا إن شركة تصنيع الرقائق نيفادا قد تتأثر أيضًا إذا احتاج العملاء إلى عدد أقل وأقل تعقيدًا من الرقائق، وأضاف يارديني: “وعلى الرغم من كون تلك الأخبار سيئة إلا إنها قد تكون جيدة لشركات Mag-7 حيث يمكنها التعلم من DeepSeek لتصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي بوحدات معالجة رسومية أرخص، وهذا من شأنه أن يقلل من إنفاقهم الرأسمالي ويعزز أرباحهم، ولكن قد لا يكون تطورًا سعيدًا لشركة نيفادا”.
أعلنت شركة مايكروسوفت وميتا عن نتائج الربع الرابع في 29 يناير وأعلنت جوجل عن أرباحها في 4 فبراير، ومن المرجح أن تتبعها أمازون (AMZN) في 6 فبراير، وقالت ميتا في الأسبوع الماضي إنها تخطط لزيادة الإنفاق الرأسمالي إلى نطاق يتراوح بين 60 مليار دولار و 65 مليار دولار في عام 2025 متجاوزة تقديرات وول ستريت البالغة 51.4 مليار دولار.