ليس سرًا أن إنتل تواجه صعوبات. فقد تراجعت قيمة أسهم عملاق التكنولوجيا في السنوات الأخيرة، مما جعله هدفًا محتملًا للاستحواذ. هناك عرض من كوالكوم قيد الطرح الآن، وإذا تم تنفيذ الصفقة، فقد يغير ذلك مسار صناعة أشباه الموصلات بشكل كبير. ولكن قبل ذلك، سيتعين على الشركتين اجتياز العديد من الاعتبارات المالية والتنظيمية والاستراتيجية.
ففي تطور قد يعيد تشكيل صناعة أشباه الموصلات، تقدمت كوالكوم بعرض استحواذ لمنافستها إنتل، وفقًا لمصادر مطلعة نقلت عنها صحيفة وول ستريت جورنال. إذا تم الاستحواذ بنجاح، وبالنظر إلى القيمة السوقية لإنتل التي تقدر بـ 90 مليار دولار، فإن الصفقة ستكون الأكبر في تاريخ عمليات الاندماج والاستحواذ في قطاع التكنولوجيا، متجاوزة صفقة استحواذ مايكروسوفت على أكتيفجن بليزارد بقيمة 69 مليار دولار.
سيمثل الاندماج المقترح دمج خبرة كوالكوم في تكنولوجيا الرقائق المحمولة مع حضور إنتل القوي في معالجات أجهزة الكمبيوتر الشخصية والخوادم. وسيعد استحواذ كوالكوم على إنتل تحولًا استراتيجيًا كبيرًا، إذ سيعمل على تنويع محفظتها وتقوية مكانتها في المشهد التقني المتطور.
يأتي تقرير وول ستريت جورنال بعد تقرير من رويترز أفاد بأن المسؤولين التنفيذيين في كوالكوم يدرسون وحدات التصميم المختلفة في إنتل لتحديد مدى ملاءمتها لمحفظة منتجاتهم.
تبلغ قيمة كوالكوم السوقية ما يقارب ضعف قيمة إنتل، حيث تبلغ 184 مليار دولار، مما يجعل الاستحواذ على إنتل أو أحد أقسامها أمرًا ممكنًا من الناحية المالية لعملاق الرقائق المحمولة.
شركة إنتل، التي كانت في يوم من الأيام القائدة بلا منازع في صناعة الرقائق، تواجه تحديات كبيرة في السنوات الأخيرة. فقد تراجعت قيمتها السوقية من ذروتها التي بلغت 290 مليار دولار في عام 2020، مما جعلها هدفًا محتملًا للاستحواذ.
وقد أظهر تقرير الأرباح الفصلي الأخير للشركة صورة قاتمة، حيث تراجعت الإيرادات بشكل كبير عن التوقعات، بالإضافة إلى توقعات سلبية للأشهر المقبلة. وفي ظل قيادة بات غيلسنغر، تعمل إنتل على إعادة إحياء أعمالها. وكجزء من جهود التعافي، أطلقت الشركة خطة واسعة لخفض التكاليف تهدف إلى تقليص القوة العاملة بنسبة تزيد عن 15 بالمئة بنهاية العام، وإعادة هيكلة العمليات، وخفض النفقات التشغيلية بأكثر من 10 مليارات دولار في العام المقبل. تشمل هذه الخطة تخفيضًا بنسبة 20 بالمئة في الإنفاق الرأسمالي، وتخفيضات كبيرة في البحث والتطوير، والتوقف عن المنتجات التي لا تحقق الأداء المتوقع.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أبلغ الرئيس التنفيذي لشركة إنتل، بات غيلسنغر، الموظفين بأن الشركة ستحول ذراع تصنيع أشباه الموصلات الخاص بها إلى شركة تابعة مستقلة، مما يؤكد الشائعات التي كانت متداولة منذ أغسطس.
وقال غيلسنغر عن هذه الخطوة: “بشكل جماعي، تمثل هذه التغييرات خطوات حاسمة نحو بناء إنتل أكثر رشاقة وبساطة وكفاءة”. وأضاف أنها “تعتمد على التقدم الفوري الذي أحرزناه منذ إعلان خطتنا في الأول من أغسطس لإنشاء هيكل تكلفة أكثر تنافسية”.
من جانبها، لم تُصدر إنتل أي تعليق رسمي بشأن عرض استحواذ كوالكوم، ولم يتم تأكيد هذه الصفقة بعد. وكانت هناك تقارير سابقة تفيد بأن إنتل تدرس بيع بعض الأصول كجزء من جهودها لإعادة هيكلة الشركة، لكن متحدثًا باسم إنتل أوضح أن الشركة “ملتزمة بشدة” بأعمالها في قطاع الحواسيب الشخصية.
علاوة على ذلك، فإن هذه الصفقة ستخضع لتدقيق شديد من الجهات التنظيمية لمكافحة الاحتكار. حيث إن الكيان المشترك بين إنتل وكوالكوم سيمتلك قوة كبيرة في العديد من أسواق الرقائق، مما قد يثير مخاوف بشأن المنافسة والسيطرة على السوق.
من جهة أخرى، يمكن النظر إلى هذه الخطوة كفرصة لتعزيز قدرات تصنيع الرقائق في الولايات المتحدة. إذ يمكن لاندماج هاتين الشركتين العملاقتين أن يعزز من تفوق أمريكا في سوق الرقائق العالمي، خاصة في مواجهة المنافسة المتزايدة من آسيا.