شاشات رقمية في كل مكان وتأثيرات سلبية على صحة الأطفال .. مشكلة حقيقية علينا إيجاد حل مناسب لها !

شاشات رقمية في كل مكان وتأثيرات سلبية على صحة الأطفال .. مشكلة حقيقية علينا إيجاد حل مناسب لها !

من بين كل عشرة آباء يعتقد تسعة منهم بأنّ التقنيات الجديدة والوسائل الرقمية تساهم في تشتيت انتباههم وتؤثّر على طريقة عيشهم بشكل سلبي، ولا يتوقّف تأثير التكنولوجيا السلبي هنا حيث يعتقد 83% من الآباء بأن هذه الأجهزة والوسائل الرقمية تؤثّر سلبًا على حياة أطفالهم أيضًا، هذه بعض من النتائج التي توصّلت إليها دراسة بعنوان Growing Up Digital Australia التي أجراها مجموعة من الباحثين في عام 2020، وشملت الدراسة 2500 شخص من الآباء والأجداد ومقدّمي الرعاية للأطفال في أستراليا، وتغطّي النتائج تقريبا 5000 طفل أي أنّ النتائج والنسب المئوية لشريحة يبلغ عددها 5000 طفل تتراوح أعمارهم بين 5-17 عامًا وتركّز الدراسة بشكل أساسي على سلوك الأطفال فيما يتعلّق بالجانب الرقمي وآلية استخدامهم للأجهزة الرقمية في المنزل أثناء انتشار الوباء.

تظهر النتائج أن أكثر من 80% من الأطفال في هذه الفئة العمرية يمتلكون أجهزة رقمية أمّا بالنسبة للمتوسط فيملك الطفل الواحد ثلاثة أجهزة مختلفة، أمّا الأمر المثير للاهتمام فهو العمر الصغير جدًا لامتلاك هذه الأجهزة حيث بدأ معظم الأطفال باستخدام أجهزتهم في سن الرابعة، ووفقًا لإجابات الآباء فإنّ 46% فقط من الآباء قالوا بأنّ أولادهم يمكنهم الابتعاد عن الأجهزة يوم واحد فقط، ولكن في المقابل يعتقد معظم الآباء بأنّ الأجهزة التقنية والتفاعل مع الوسائط الرقمية ساهم في تطوير قدرات أطفالهم الحسابية إضافًة إلى تطوير مهاراتهم في القراءة والكتابة والتفاعل مع الآخرين، ويشعر 90% من الآباء أن التقنيات الرقمية تجعل من السهل جدًا البقاء على تواصل مع العائلة والأصدقاء.

الاعتماد الكبيرعلى التكنولوجيا

أصبحت الأدوات الرقمية أكثر شيوعًا بين الآباء والأطفال أثناء الحجر المنزلي في معظم البلدان حول العالم وخاصّة فيما يتعلّق بالتعليم والعمل، في العام الفائت كان من الصعب جدًا على أي عائلة النجاة بدون وجود هذه الأجهزة في كل مكان في أرجاء المنزل، ونتيجة لهذا الاعتماد المتزايد على هذه الأجهزة فإن نسبة كبيرة من العائلات تشعر بالقلق الشديد على أطفالهم، حيث قال أحد الآباء معبّرًا عن قلقه المتزايد على حالة طفلته:

أنا قلق جدًا حيال الوقت الذي تقضيه ابنتي على هاتفها فهي لم تعد مهتمة بالأنشطة التي كانت تستمتع بها قبل أن يكون لديها هاتف.

وأظهرت النتائج أيضًا أن 84% من المعلمين الأستراليين لاحظوا أن الطلاب يتشتّت انتباههم بسبب الوسائط الرقمية والتقنيات وتقول النتائج بحسب إجابات المعلمين بأنّ ثلاثة أطفال من بين كل خمسة اطفال لم يكونوا على استعداد كامل للعودة للدراسة مجدّدًا.

ولم تتوقّف النتائج هنا بل تشير البيانات الجديدة إلى وجود علاقة بين الأداء التعليمي للشباب ومدى تكرار استخام هذه الأجهزة الرقمية قبل النوم مباشرًة، حيث يقول 60% من الآباء الذين شاركوا في هذه الدراسة بأن أطفالهم الذين كانوا يشعرون بالضيق من المدرسة كانوا يستخدمون الأجهزة الرقمية قبل النوم وقد كان هذا السلوك واضحًا بشكل أكبر لدى العائلات ذات الدخل المنخفض، حيث تبيّن أنّ الأطفال الذين ينتمون إلى العائلات الأقل دخلا يستخدمون هواتفهم بشكل أكبر إضافًة إلى وجود مقدار منخفض جدًا من التوجيه الأبوي حيال الأضرار الخاصّة بهذه التجهيزات، إضافًة إلى ذلك يتمنّى معظم الآباء ان تقوم المدارس والمؤسّسات التعليمية بالتركيز على هذا الجانب بشكل كبير وذلك من خلال توعية الأطفال إلى أضرار ذلك إضافًة إلى التطرّق إلى مفهوم الأمن والسلامة الرقمية والحديث بشكل مطوّل حيال المخاطر المحيطة بالأطفال جراء استخدام الأجهزة الرقمية بشكل مفرط.

ماذا عن استخدام الآباء للأجهزة الرقمية؟

لا يمكننا القول بأنّ الأطفال هم السبب الأول لهذه النتائج المثيرة للقلق، حيث يقع جزء من المسؤولية على الآباء أيضًا حيث تستخدم معظم العائلات الأجهزة الرقمية كجليسة أطفال لمساعدتهم على إنجاز الأشياء في المنزل دون الجري الدائم خلف الأطفال لذا يعتمدون على هذه الأجهزة لإلهاء أطفالهم قدر الإمكان، وبحسب نتائج الدراسة فإنّ أكثر من نصف الآباء الذين شاركوا في الدراسة يستخدمون الأجهزة الرقمية كوسيلة ترفيهية لإلهاء الأطفال، وفي المقابل يستخدم واحد فقط من كل خمسة آباء هذه الأجهزة كوسيلة تعليمية، ويقول 72% من الآباء بأنّهم يدركون أنّ عاداتهم الرقمية تؤثر على عادات أطفالهم.

وهناك أيضًا مشكلة حقيقية بين الآباء حيال التكنولوجيا، فكل شريك لديه آراءه الخاصّة فيما يتعلّق بالطريقة التي يعتمدها الأطفال في استخدام الأجهزة التقنية، حيث قال 65% من الآباء بأنّهم دائمًا ما يختلفون مع شركائهم حيال أفضل الطرق لاستخدام الأجهزة التقنية من قبل الأطفال.

ماذا يمكننا أن نفعل؟

الجميع يعلم بأنّ الوقت الذي نقضيه على الشاشات قد ازداد بشكل كبير وخاصّة أثناء الحجر المنزلي، فوفقًا للاستطلاعات الرسمية الاسترالية فإنّ نصف الأطفال قد أمضوا وقتًا أطول على الشاشات الرقمية للترفيه في 2020 مقارنة بالفترة نفسها قبل جائحة COVID-19، وبالطبع فإنّ عدد الأطفال الذين مارسوا الأنشطة الجسدية قد انخفض أيضًا فقد قضى 42% من الأطفال وقتًا أقل في الأنشطة الجسدية.

هذا ليس تحديا بسيطا، ونادرًا ما تنجح الحلول التقليدية التي تتضمّن إطفاء شبكة WiFi أو منع الأطفال من الوصول إلى الأجهزة الرقمية ولكن هناك بعض الخطوات الصغيرة التي يمكن لجميع العائلات تجربتها، في البداية على الآباء إلقاء نظرة على عدد الساعات التي تقضيها العائلة أمام الشاشة ومن ثم اتخاذ بعض القرارات التي من شأنها أن تحد من الوقت الذي يقضيه كل فرد من أفراد الأسرة في استخدام أجهزته الرقمية، إضافًة إلى ذلك لدينا ما لا يقل عن ساعتين بدون شاشات رقمية قبل النوم، ومن الأفضل الاحتفاظ بجميع الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة الأخرى بعيدًا عن غرف النوم، وفي النهاية يجب علينا إيجاد نوع من التوازن ما بين الوقت الذي نقضيه على الشاشات والأدوات والوقت الذي نقضيه مع العائلة.



أجهزة المقارنة

مقارنة
إزالة الكل
مقارنة
0
Facebook Twitter Copy Link WhatsApp