اتخذت أبل من هواتفها الرئيسية ركيزةً تنطلق منها نحو التحسينات المختلفة والتقنيات الجديدة المميّزة، فحصلت هواتفها الأخيرة iPhone 14 Pro على النصيب الأكبر من هذه التحسينات، لا سيما في مجال الأداء ونظام التصوير وكفاءة العرض واستهلاك الطاقة، ونتيجةً لذلك تم تصنيف الهاتف iPhone 14 Pro كأفضل ما يتم تقديمه بنطاقٍ سعريٍّ يقلّ عن 1000 دولار، ولم يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ بل امتدّ إلى تحسين التصميم أيضاً بما يتناسب مع رغبات المستخدمين الذين يميلون إلى الهواتف الصغيرة ذات الإمكانيات المرتفعة.
التغييرات الأبرز في التصميم عن إصدار العام الماضي
جاء الهاتف iPhone 14 Pro بمعظم النقاط التصميمية التي كان عليها الطراز السلف 13 Pro، وأضاف لها وحدة الكاميرات الأكبر حجماً على الغلاف الخلفيّ للهاتف، كما استبدل النوتش الكبير في الواجهة الأمامية بقطعة أسطوانية صغيرة عرفت بالجزيرة الديناميكية التي تطفو على سطح الشاشة، لتحتوي كلاً من الكاميرا الأمامية والمستشعر المخصص لكشف تفاصيل الوجه Face ID.
وقد تبدو هذه الجزيرة أكبر من ثقوب الكاميرات الموجودة لدى هواتف أندرويد الرئيسية إلا أنها قابلة للّمس، وتعرض لنا بعض الرسوميات والأيقونات الخاصة بالنظام كرمز إلغاء القفل، رموز الموسيقى الصغيرة، أيقونة المنبّه وما إلى ذلك.
كما أن الضغط المطوّل على هذه الجزيرة أثناء الاستماع إلى الموسيقى سيحوّلها إلى مشغّل الوسائط، ما يعني أنه بإمكاننا الوصول إلى عناصر التحكم في الوسائط وغيرها دون الحاجة إلى سحب لوحة الإشعارات إلى الأسفل كما هو معتاد.
يشتمل الهيكل الخارجيّ لهذا الهاتف على إطار معدني من الستانلس ستيل، ونهايات ثابتة اللون في غلافه الخلفيّ الزجاجيّ، بينما تمت حماية الشاشة بواسطة Ceramic Shield لمنحها متانة أكبر أمام حوادث التصدّع، فبلغ وزن الهاتف نتيجةً لذلك 206 جرام.
ونظراً لبروز وحدة الكاميرات الكبيرة بشكل واضح من الغلاف الخلفيّ لهذا الهاتف، فمن الصعب له أن يستقر على الأسطح المستوية، ولهذا فمن المستحسن استخدامه ضمن غلافه الواقي الخاص.
ولهذا الهاتف حواف مربعة توارثتها أجيال أبل منذ إطلاق iPhone 12، بالرغم من تفضيل الكثير من المستخدمين للغلاف الخلفيّ ذي الحواف المنحنية إلا أن الحجم الصغير والوزن الخفيف للهاتف iPhone 14 Pro يقلّل من حدة هذه الحواف نوعاً ما فيمكن استخدامه بيد واحدة.
دقة شاشة العرض في الهاتف iPhone 14 Pro
واصل الهاتف iPhone 14 Pro مسيرة هواتف أبل ذات الشاشات الأفضل من حيث الدقة والمتانة، إذ عرضت شاشة هذا الهاتف محتوياتها وفق تقنية OLED مع الكثير من الألوان، ومستويات السطوع المناسب سواءً تم استخدام الهاتف في المناطق الظليلة أو في ضوء النهار الساطع.
وقد تحسّنت شاشة iPhone 14 Pro عن جيله السابق بعض الشيء، فأصبح قياسها 6.1 إنش لتسهيل التعامل معها بيدٍ واحدة، كما باتت تعيد إنتاج الألوان بشكلٍ أفضل لإخراجها بالدقة والعمق الأكبر، إلا أنها لم تستطع الوصول إلى ذروة السطوع 2000 وحدة إضاءة كما في الهاتف المتقدّم 14 Pro Max.
وتدير هذه الشاشة معدل التحديث المتغيّر 120 هرتز وفق الميزة ProMotion، أي أنها قادرة على تخفيض معدل التحديث إلى 1 هرتز لتقليل استهلاك الطاقة، وخاصةً عند تنشيط التشغيل الدائم للشاشة، ومن ثم إعادة هذا المعدل إلى 120 هرتز أثناء عرض الرسوميات المكثّفة والألعاب، حيث تحرّكت رسوميات Genshin Impact بشكلٍ سلسٍ للغاية عند اختبارها، وذلك بفضل التوافق الكبير ما بين شاشة الهاتف وشرائح المعالجة الجديدة المتقدّمة.
ماذا عن نظام التصوير والمستشعرات الجديدة
تحسّنت كاميرات التصوير ومستشعراتها الداخلية في الهاتف iPhone 14 Pro عمّا كانت عليه في هاتف العام الماضي، حيث بدأت الكاميرا الرئيسية في العمل هذا العام بدقة 48 ميجا بكسل، معتمدةً على تقنية التجميع الرباعيّ للبكسل، ليجري تخزين لقطاتها بعد المعالجة وفق الدقة 12 ميجا بكسل، فيحصل كل بكسل في هذه الصور على تفاصيل مجمّعة من أربعة بكسلات، مع إمكانية التقاط الصور وفق الدقة الكاملة 48 ميجا بكسل، من خلال تفعيل الوضع ProRAW.
كما حصلت الكاميرا فائقة العرض ذات الدقة 12 ميجا بكسل، على مستشعرٍ جديد أكبر بمرتين مما كان متوفراً في الهاتف السابق 13 Pro، وقد فضّلت أبل إضافة تقنية التقريب البصريّ x2 إلى المستشعر الرئيسيّ ولم تحدث أي تغيير فعلي في العدسة المخصصة telephoto حيث لا زالت قادرة على الاقتراب من الهدف حتى النسبة x3، وفي محصلة ذلك جاء تطبيق الكاميرا بكلٍّ من المجال x0.5 للعدسة فائقة العرض، والمجالين x1، وx2 للعدسة الرئيسية، وأخيراً x3 لعدسة التقريب telephoto.
وأكثر ما يميّز كاميرات أبل لهذا العام ويحسّن من قدراتها في التصوير هو المحرك Photonic Engine، والذي يعتمد على خصائص حسابية جديدة لتحسين الصور التي يتم التقاطها في الإضاءة المتوسطة أو المنخفضة، وذلك بمساعدة التقنية Deep Fusion، حيث تقوم الأخيرة بمعالجة الإطارات قبل ضغطها، كما يعد هذا المحرّك بتحسين النطاق الديناميكيّ أيضاً لجلب مزيد من التفاصيل إلى الصور منخفضة الإضاءة.
لقيت كاميرا السلفيّ في الهاتف iPhone 14 Pro بعض التحسينات كذلك، فأصبحت قادرة الآن على القيام بوظيفة التركيز التلقائيّ، كما أفادت أبل بأن الالتقاط الأسرع لكاميرا TrueDepth الأمامية في هذا الهاتف سيضمن حصول المستخدم على صورٍ شخصية أفضل عند انخفاض الإضاءة في المكان، علماً أنه بمقدور هذه الكاميرا أن تصل أيضاً إلى المحرك Photonic Engine لتستفيد من تقنياته.
ومع استخدام الكاميرا الرئيسية لدى iPhone 14 Pro ستكون اللقطات الناتجة مليئة بالتفاصيل والألوان الحيوية، مع سطوع أكبر بالمقارنة مع نتائج الهاتف Pixel 6 Pro وخاصةً عند التصوير في المناطق الظليلة، وعند تقليل الإضاءة سيزيد هاتف أبل من نسبة التعريض أكثر مما هو مطلوب، فتبهت ألوان الأهداف قليلاً في خلفية الصورة، بينما تظهر الأشياء في المقدّمة بنحوٍ أكثر إشباعاً.
أما عند الانتقال إلى العدسة فائقة العرض، فتخفّ حدة الألوان لتبدو أقرب إلى الواقع، بينما نحصل على الكثير من التفاصيل، وعلامات الإضاءة الجيدة رغم ميول بعض الأهداف إلى النعومة قليلاً.
يمتلك الهاتف iPhone 14 Pro وضعين للتقريب telephoto، فعند تعيين مجال التقريب x2، يزداد سطوع اللقطة، بينما تخسر بعض التفاصيل في الخلفية على حساب إشباع الألوان في المقدّمة، ولكن تعيين المجال البصريّ x3 سيؤدي إلى إظهار الألوان بشكلٍ أفضل حيث تتمكّن العدسة حينها من التحكم في كمية التعريض.
وفي حال تنشيط التقريب الرقميّ x15، تظهر الضوضاء بشكلٍ واضحٍ في النتائج فينعكس الأمر على ألوان عناصر الصورة حيث تبهت جداً، فتنخفض الجودة عموماً.
وللحديث عن اللقطات الليلية للهاتف iPhone 14 Pro فيمكن وصفها بالصور الدافئة الغنية بالألوان الحيوية، والتركيز الحاد، والتحكم المناسب في التعريض، بينما يقتصر وجود هذه السمات على توفير إضاءة مخففة في الجوار، حيث أن تعتيم المكان بشكل كامل سيفقدنا الكثير من التفاصيل ودقة الألوان.
وعند التقاط صور بورتريه بواسطة الكاميرات الخلفية لهذا الهاتف، ستحتوي هذه اللقطات على كمية كبيرة من التفاصيل وعلامات التركيز، وكذلك تأثيرات بوكيه التي تفصل الهدف بشكلٍ جيدٍ عن خلفية الصورة المهمّشة.
بالانتقال إلى لقطات سلفي، سنلاحظ قدرة الهاتف iPhone 14 Pro على جلب التفاصيل الحادة والإضاءة الجيدة والألوان العميقة سواءً للهدف أو الخلفية، وسواءً جرى التصوير في الإضاءة الوفيرة أو المناطق المعتمة، حيث تقلّ جودة الصور في الحالة الأخيرة بعض الشيء، ولكنها لا زالت تتفوّق على صور الهواتف المنافسة من هذه الناحية.
أخيراً، ورث هذا الهاتف وضع ماكرو من جيله السابق 13 Pro، ليظهر لنا كماً هائلاً من تفاصيل الهدف، وبجودةٍ عاليةٍ لم نشهدها مع الهواتف الرخيصة أو المتوسطة الحالية.
إمكانيات تسجيل الفيديو
ركّزت أبل لهذا العام على أوضاع تسجيل الفيديو وربطها بالتقنيات الجديدة وصولاً إلى أفضل وأدق النتائج، فأضافت لهاتفها الجديد iPhone 14 Pro الوضع السينمائيّ الذي يلتقط ما يصل إلى 60 إطارٍ في الثانية بدقة 4K، أو 30 إطاراً بدقة 4K مع استعمال التقنية ProRes والتي تعمل بدورها على المعالجة اللاحقة لإطارات الفيديو ومن ثم ضغطها.
كما يقوم وضع الحركة أو ما يدعى Action mode بتثبيت الأهداف إلى الحدّ الذي يتيح للمستخدمين تسجيل الفيديو أثناء التنقّل أو تحريك الهاتف، علماً أنه يلتقط حوالي 60 إطاراً في الثانية وبدقةٍ تبلغ 2.8K، ويستطيع كذلك التوافق مع التقنيتين ProRes التي تم شرحها مسبقاً، وDolby Vision التي تقوم بمعالجة كل إطار من الفيديو على حدة.
ومع التبديل إلى إحدى مجالات التقريب أثناء تسجيل الفيديو سنلاحظ بأن الانتقال ما بين المجال الأساسي والتقريب سلساً للغاية على خلاف ما كان يحدث في الأجيال السابقة من هواتف أبل.
أداء الهاتف iPhone 14 Pro
جرى تشغيل هذا الهاتف بواسطة الشرائح الأحدث لدى أبل A16 Bionic والتي تم تصنيعها اعتماداً على مبادئ التقنية 4 نانو، حيث تتكون من 6 نوى للمعالجة المركزية، وخمسة أخرى لمعالجة الرسوميات، بالإضافة إلى 16 نواة للمحرك Neural Engine.
ولهذه الشرائح دورٌ أساسيٌّ في التحكم بميزة التشغيل الدائم لشاشة العرض، وذلك من خلال التوافق مع محرك العرض الجديد، ومعالج إشارة الصورة، ناهيك عن مساهمتها الفعّالة في رفع كفاءة استهلاك الطاقة.
تفوّقت هذه الشرائح في اختبارات المعايير Geekbench على معالجات Snapdragon 8 Gen 1 المضمّنة حالياً في هواتف سامسونج الرئيسية وذلك بفضل التحسينات الطفيفة التي حصلت عليها والتقنيات الجديدة التي تعتمدها في إنجاز المهام، فلا تأخير على الإطلاق مع الأعمال اليومية الاعتيادية وحتى الألعاب المكثّفة، إذ تقوى الشرائح A16 Bionic على القيام بعمليات تحرير الفيديو بطلاقةٍ كبيرةٍ حتى وإن امتدّ الأمر إلى استخدام التنسيق ProRes وتأثيراته المتعددة.
نهايةً، أرفقت هذه الشرائح بذاكرة عشوائية تبلغ سعتها 6 جيجابايت، وأربعة خيارات من التخزين الدائم بسعة 128، 256، 512 جيجابايت و1 تيرابايت.
استهلاك الطاقة وتقنيات الشحن
بعد وصول بطارية الهاتف السابق iPhone 13 Pro إلى حدود 12 ساعة تحت الاختبار، جاء الطراز الجديد iPhone 14 Pro ببطاريةٍ لم تستمر لأكثر من 10 ساعاتٍ مع تخفيض سطوع الشاشة إلى 150 وحدة إضاءة، وتحميل الكثير من صفحات الويب، وكذلك تفعيل بيانات الهاتف المحمول.
من ناحيةٍ أخرى يتوافق هذا الهاتف مع الشحن السلكيّ ويستقبل الطاقة بقوة 20 واط، و15 واط في حال تم شحنه لاسلكياً بالاعتماد على التقنية MagSafe، أما باستخدام قواعد الشحن Qi فإن الطاقة سترد إلى هذا الهاتف بقوة 7.5 واط فقط، وقد أفادت أبل بهذا الخصوص أن شحن هاتفها الجديد سلكياً إلى 50% لن يستغرق أكثر من 30 دقيقة.
تفاصيل نظام التشغيل
يعمل الهاتف iPhone 14 Pro بنظام التشغيل الجديد iOS 16، والذي تقدّم على نسخته السابقة بجزأين رئيسيين وهما تحسينات شاشة القفل، ووضع التركيز، حيث يمكن للمستخدم الآن تخصيص شاشة القفل واستخدام الفلاتر المتاحة لأوضاع التركيز المختلفة.
وتشمل عمليات تخصيص شاشة القفل، إضافة إحدى الأدوات المتوفرة، تغيير نموذج الساعة الرقمية، اختيار النوع المناسب من تأثيرات الخلفية، وغير ذلك الكثير.
كما يتيح لنا iOS 16 تكوين العديد من شاشات القفل، والتبديل ما بينها عندما يتطلب الأمر، فمنها ما يمكن تخصيصه لعرض التقويم، أو حالة الطقس، أو مستويات طاقة البطارية لدى الساعة الذكية Apple Watch.
وقد أفادت أبل بأن الجزيرة الديناميكية في هذا الهاتف قابلة للترابط مع تطبيقات الطرف الثالث، والواجهات الجديدة لبرمجة التطبيقات، حيث يمكن لهذه الجزيرة عرض أيقونات الإشعارات المتعلّقة بهذه التطبيقات عند تعيين ذلك في الإعدادات، وبنفس الطريقة التي تُعرض من خلالها حالياً إشعارات واتساب وإنستجرام و Spotify، وكذلك الأيقونات التي تشير إلى مكالمة واردة أو جارية وتنبيهات Apple Pay، و Face ID، SharePlay، مشغّل الموسيقى واتجاهات الخرائط وما إلى ذلك.
ومن خلال الميزة الجديدة Crash Detection، يقوم الهاتف iPhone 14 Pro باكتشاف تعرّض المستخدم لحادثٍ ما والاتصال بخدمات الطوارئ.
في المحصلة نقول
أتى الهاتف الجديد iPhone 14 Pro بعدد كبير من التحسينات التي توافدت واحدةٌ تلو الأخرى لتضعه في منافسةٍ مباشرةٍ مع أفضل هواتف أندرويد لهذا العام، حيث الجودة الكبيرة في عرض المحتويات، وتوافق مكونات الهاتف مع شرائحه المتقدّمة وصولاً إلى الكثير من المزايا كالتشغيل الدائم للشاشة، معدّل التحديث المتغيّر، الألوان المشبعة لنظام التصوير، وكفاءة استهلاك الطاقة، ناهيك عن الأداء المميّز للمهام، والتصميم الاحترافيّ للجزيرة الديناميكية ومساحتها المخصصة لعرض إشعارات التطبيقات.