يعد عمر البطارية من أهم العوامل التي من شأنها التأثير في قرار اختيار الهواتف الذكية وشرائها، لذلك لا بد من الإضاءة على هذه النقطة المهمة وإجراء المقارنات المتعلّقة بسعتها المنخفضة في بعض الهواتف والمدة التي يمكن أن تستمر خلالها بعض البطاريات في العمل.
مع التنويه إلى أن سعة البطارية الكبيرة ليست معياراً مهماً بقدر ما تنجزه هذه البطارية مع مجموعة من المتغيرات المتعلقة بكل هاتفٍ على حدة ولذلك سيتم في هذا المقال التعريف بسعة البطارية وما هي العوامل الواجب مراعاتها عند اختيار البطارية المناسبة.
ما هو معنى الوحدة “ميللي أمبير mAh” في البطاريات؟
في الواقع يشير المصطلح “ميللي أمبير” إلى وحدة من وحدات الشحنة الكهربائية، والتي تساوي تزويد الهاتف بواحد ميللي أمبير من التيار (أي من الشحن) أي بما يعادل 3.6 كولوم في الساعة الواحدة.
بالتالي فإن كل 1 ميللي من سعة البطارية يمكنه تزويد الهاتف ب1 ميللي أمبير من التيار في الساعة الواحدة كما أن كل 1000 ميللي أمبير يقوم بتزويد الهاتف ب1 ميللي أمبير من التيار لما يعادل 1000 ساعة، بينما من الممكن أن تعطي نفس الكمية من السعة للبطارية 2 ميللي أمبير للهاتف خلال 500 ساعة، ويعود السبب وراء انعدام قدرة الهاتف على الاستمرار في العمل مئات الساعات هو استهلاك الهاتف لأكثر من ميللي أمبير من التيار ساعياً، بما معناه أن بطارية الهاتف ستدوم لمدةٍ أقصر كلما قام الهاتف باستهلاك المزيد من التيار.
وفي حال تساوي جميع المعايير والمتغيرات وكمية الاستهلاك بين هاتفين، فإن الهاتف ذي سعة البطارية الأكبر سيستمر في العمل لمدةٍ أطول، ونادراً ما يتحقق هذا المبدأ نظراً لاختلاف استهلاك الهواتف من الطاقة نسبياً.
حيث أن العتاد المادي المختلف وأنظمة التشغيل المختلفة للهواتف تؤدي إلى اختلاف كمية الاستهلاك، ما يعني أن عامل سعة البطارية قد لا يعطي معلوماتٍ حتمية حول عمر البطارية ومدة استمرارها في العمل.
مقارنة سريعة بين الميللي أمبير ومصطلح عمر البطارية
عند القيام بتشغيل بعض الهواتف الذكية ذات المواصفات المختلفة، وسعات البطارية المختلفة، يمكننا إجراء اختبارٍ لعمر البطارية من خلال المعيار Speed Test G لتسجيل الوقت المستغرق في استهلاك البطارية.
ونستطيع القول أن المعيار Speed Test G يعد واحداً من الاختبارات القاسية جداً لعمر البطارية لما يقدّمه من نتائج تعود إلى بعض العوامل كالحد الأدنى من التشغيل الدائم للشاشة الخاص بكل هاتفٍ.
وقد قام بهذا الاختبار أحد أشهر الموااقع التقنية Android Authority علماً أن هذه النتائج مرتبة تصاعدياً حسب سعة البطارية.
ومن الواضح في النتائج السابقة أن هنالك ما يرمي إلى زيادة عمر البطارية بالتوازي مع زيادة سعتها.
بينما تعمل هذه الهواتف الذكية على بطارياتٍ كبيرة بسعة 5000 ميللي أمبير إلى6000 ميللي أمبير ما يوفّر عمر البطارية الأطول والمناسب في الاختبارات التابعة لهذا المعيار، بينما نلاحظ الدوام الأطول لبطارية الهاتف Google Pixel 3a XL ذات السعة 3700 ميللي أمبير، وذلك بفضل مواصفات الهاتف المتدنيّة نوعاً ما، كما ترنو النتائج إلى الاختلاف البسيط بين الهاتفين Pixel 4 XL ببطاريته ذات السعة 3700 ميللي أمبير، ونظيرتها من الهاتف Asus Zenfone 6 بسعة 5000 ميللي أمبير.
ما يعني أن السعة وحدها ليست عاملاً كافياً للمقارنة في مدة استمرار البطاريات في العمل.
ويمكن أن تشير هذه النتائج إلى استمرار بعض الهواتف في العمل لمدة 3 ساعاتٍ ونصف إلى أربعة ساعات من الاستخدام المكثّف، وتحتل هذه الإحصائيات معظم الشركات المصنّعة للهواتف الذكية، أمثال Google Pixel 4 ببطاريةٍ سعتها 2800 ميللي أمبير، 4000 ميللي أمبير للهاتف Galaxy S20 ، و4510 للهاتف OnePlus 8 Pro والتي تقع في نفس السوية تقريباً ولا تختلف عن بعضها سوى ببعض الدقائق.
ومن الواضح أيضاً أن العتاد المادي وأنظمة التشغيل للهواتف تستنزف البطاريات بطرقٍ مختلفة تماماً.
كل هذه النتائج تتوقف على الوظائف التي يقوم بها الهاتف:
تعمل البطارية على تشغيل الهواتف الذكية بكافة مكوناتها ابتداءً من المعالج و انتهاءً بالشاشة، وكافة الميزات التي يأتي بها الهاتف، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه المكونات تقوم باستهلاك طاقة البطارية بشكلٍ مختلف، على سبيل المثال تقوم المعالجات ذات الفئة الدنيا والمتوسطة باستهلاك البطارية بكميةٍ أقل من نظيرتها ذات الفئة الرائدة، حيث يتطلب الأداء عالي المستوى طاقةً أكبر، ما يعني أن الهواتف المتوسطة قد تتميز بعمرٍ أطول للبطارية مقارنةً بالهواتف الرائدة ذات البطاريات الأكثر سعةً.
وقد أوضحت النتائج السابقة أن الهواتف الرائدة أيضاً تستهلك طاقة البطارية بشكلٍ مختلف وهذا ما بدا واضحاً جداً في الإصدارين Exynos و Snapdragon لهاتف Galaxy S20 من سامسونج.
حيث يمكن للشركات المصنّعة إضافة شرائح مناسبة لتخفيض أو زيادة سرعة أداء الهاتف، وحتى تغيير جداول العمل لوحدة المعالجة المركزية، وصولاً للأداء المطلوب، مع الاستهلاك الأفضل للطاقة.
وهنالك بعض الأمثلة عن الهواتف الذكية التي تستهلك طاقة البطارية بشكلٍ أفضل أمثال الهاتف Google Pixel 4 الذي يمتلك نظام الرادار Soli والذي يعتبر المثال الأول والأساسي للميزة التي تقوم باستنزاف البطارية بشكلٍ كبيرٍ ومختلفٍ جداً عن استهلاك الهاتف للطاقة دون تفعيل هذه الميزة.
كما أن تفعيل كاميرا time-of-flight، استخدام مكبرات الصوت ذات المستوى الأعلى، دقة الشاشة 4K، جميع تلك العوامل قد تؤثر في النهاية على استهلاك الطاقة وعمر البطارية.
حتى أنه يمكن لاستخدام القلم S Pen المرافق لسلسلة الهواتف Galaxy Note أن يؤثر على شحن البطارية أيضاً.
وتعمل شركات التصنيع للهواتف الذكية على الموازنة ما بين الأداء المرتفع والاستهلاك المناسب لعمر البطارية طوال اليوم والسعة وسعر الهاتف.
كما يلعب معدل التحديث الأسرع للشاشة دوراً مهماً في استهلاك الكثير من الطاقة، وهذا ما يبرر توفير الخيار 60 هرتز من معدل التحديث في سلسلة الهواتف Samsung Galaxy S20 إلى جانب القدرة على إعداد معدل التحديث على المقدار 120 هرتز.
ويساهم معدل التحديث 90 هرتز في الهاتف Pixel 4 إلى جانب سطوع الشاشة في توفير المزيد من طاقة البطارية، ويعود ذلك إلى أن ضبط معدل التحديث الأكبر يزيد من استهلاك الشاشة للطاقة، واستهلاك معالج الهاتف.
وكمثالٍ على هذه النقطة، يأتي الهاتف OnePlus 8 ببطاريةٍ متوسطة بسعة 4300 ميللي أمبير، مع معدل التحديث 90 هرتز، ما يجعله يمتلك عمر البطارية الأفضل مقارنةً بالهاتف OnePlus 8 Pro ذي معدل التحديث 120 هرتز، بالرغم من بطاريته الأكبر 4510 ميللي أمبير، حيث يتمتع الهاتفان بمواصفاتٍ متقاربة بشكلٍ كبير، ما يعني أن لمعدل التحديث وسطوع الشاشة تأثيرٍ كبير على عمر البطارية.
ويمكن لنظام التشغيل أن يؤثر أيضاً على عمر البطارية من خلال إيقاف تشغيل التطبيقات في الخلفية وذلك لتقليل استخدام المعالج، والتنبيهات.
حيث يمكن لواجهة الاستخدام EMUI الخاصة بشركة Huaweiالتحكم بهذه المسألة بشكلٍ أكبر من الواجهة One UI الخاصة بسامسونج.
الاستخدام المكثّف للطاقة لشبكات الجيل الخامس 5G
في الواقع يمكن لاستخدام شبكات الجيل الخامس 5G استهلاك الطاقة بشكلٍ أكبر من نظيرتها لشبكات الجيل الرابع 4G، ما يعني أن بطارية الهاتف لن تدوم طويلاً مع استخدام الشبكة 5G، كما أن ما يزيد الأمر تعقيداً هو الاختلاف في أجهزة المودم الخاصة بهذه الشبكات من حيث استهلاكها للطاقة.
كما تقوم الهواتف المزوّدة بأجهزة مودم الخاصة بشبكات 5G، أمثال الهواتف Exynos 980 و Snapdragon 765G باستهلاك الطاقة بشكلٍ أقل مقارنةً بنظيرتها من الهواتف الرئيسية الرائدة.
وقد يكون هذا السبب وراء تخلي الشركات الكبيرة LG Velvet وحتى Google Pixel 5 عن تزويد هواتفها بشرائح رائدة، وذلك لاستهلاكها المكثّف للطاقة، كشرائح Qualcomm Snapdragon 865 مثلاً ولكنها في المقابل تتمتع بشرائح ليست سيئة على الإطلاق.
ولا شك أن الانتقال إلى استخدام الشبكات 5G سيؤدي حتماً إلى الحاجة إلى بطارياتٍ بسعةٍ أكبر، مع العلم أن استخدام الهواتف لشبكات الجيل الرابع 4G يجعل من البطاريات أكثر ملائمةً بالنسبة للمستخدمين، وقد أوضحت Redmi أن الانتقال لشبكات الجيل الخامس 5G قد زاد استهلاك الطاقة بنسبة 20% عن الهواتف التي تستخدم شبكات الجيل الرابع 4G.
أفضل عمر للبطارية
نستطيع القول أنه من الصعب بناء الهاتف الذكي ببطاريةٍ تدوم طوال اليوم بسهولةٍ كبيرة، وعلى الشركات المصنّعة الموازنة ما بين أسعار الهواتف، والعتاد المادي لها، على الرغم من صعوبة الموازنة بين العتاد المادي والبطارية التي ستوفر للمستخدمين يوماً كاملاً من الاستخدام الاعتيادي للهاتف، مع العلم أنه من الممكن ألا يحتاج الأمر إلى بطاريةٍ ضخمة.
وقد لا يوفّر الاختبار المكثّف ارتباطاً مباشراً في النتائج ما بين سعة البطارية ومدة استمرارها، فقد توفر البطاريات الأكثر سعةً ً المزيد من مدة التشغيل، مع الإشارة إلى أن الشركات المصنّعة تقوم عادةً باختيار العتاد المادي المناسب للحصول على عمر البطارية الأطول والأفضل.
حيث تميل الهواتف الذكية ذات الفئة المتوسطة والتقنيات الأقل استهلاكاً للطاقة أمثال الهاتف Pixel 3a إلى احتواء البطاريات الصغيرة مع توفير عمل البطارية طوال اليوم، بينما تأتي الهواتف الرائد ببطارياتٍ أكثر سعةً وذلك لتوفير تشغيل التقنيات الأكثر استهلاكاً للطاقة كشبكات الجيل الخامس 5G، شاشات العرض ذات معدل التحديث الأسرع، أداء الألعاب المتقدّم، وغيرها الكثير.
وبلا شك أن استخدام الهاتف لتشغيل المتصفحات والتطبيقات الكبيرة أمثال Facebook ينتهي ببقاء الهاتف قيد التشغيل طوال اليوم بينما لا تدوم طويلاً مع ألعاب الموبايل.