اتّجهت شركة هواوي إلى منافسة سامسونج قبل مرحلة فرض العقوبات الأميركية عليها، ليتم تصنيفها إلى جانب أبل في المركز الثاني عالمياً لتصنيع الهواتف الذكية، وقد كان لها الانتشار الواسع خلال السنوات القليلة التي سبقت العقوبات.
وبعد عامٍ من الحظر التام على هواوي وحرمانها من خدمات جوجل، تمكّنت أيضاً من تجاوز سامسونج خلال الربع الثاني من 2020، وذلك بسبب الظروف السائدة الجديدة، حيث بدأت الصين في ذلك الحين بالتعافي من جائحة كورونا، بينما بدأت مرحلة انتشار الفايروس في أوروبا وأميركا الشمالية حيث يقع مركز انتشار سامسونج.
وقد أشارت مرحلة الربع الثالث من 2020 إلى الاحتمالات القوية لتقدّم هواوي ثانيةً وبسبب الظروف نفسها ولكن هذه المرة نحو المركز الأول عالمياً، إلا أن ذلك التقدّم كان الأخير لشركة هواوي حيث أنها تراجعت منذ ذلك الحين في العديد من المناطق المحلية، كما أن الحظر الأميركي قد نال منها وفتح الباب العريض أمام العلامات التجارية الأخرى من أمثال شاومي لتحتل مراكز هواوي في التصنيفات العالمية.
من سيخلف هواوي في الترتيب؟

كشفت شاومي هذا الأسبوع عن أرقامها المالية خلال الربع الثالث من 2020، لتعلن عن ازدياد طلبات الشحن لديها بنسبة 45% عن السنة الماضية، في حين جاء التقرير Counterpoint Research الوافي بأن مبيعات هواوي قد انخفضت بنسبة 24% خلال الربع نفسه من السنة، وأنه لدى هذه الشركة 14% من مبيعات السوق بالكامل، فيما بلغت نسبة شاومي 13% في ذلك الحين.
وبالتالي فإنه من المتوقع أن تكون شاومي الآن قد تجاوزت هواوي في حصتها من مبيعات السوق العالمية، لتصبح بالنتيجة العلامة التجارية الصينية الأكثر شهرةً ومبيعاً على الإطلاق، حيث تشير النسبة 45% إلى التقدّم الملحوظ لشركة شاومي في ظل انخفاض المبيعات للعلامات التجارية الكبرى من أمثال سامسونج وغيرها الكثير، وذلك وفقاً لما ذكرته التقرير Counterpoint، حيث أفادت التسريبات إلى أن تقدّم سامسونج لا زال ضمن نطاق الرقم 2%.
وقد اعتمدت استراتيجية شاومي خلال العامين الماضيين على نقاط القوة للشركة الصينية هواوي في أوروبا، والشرق الأوسط، وإفريقيا، مع الاستمرار في توسيع انتشارها ضمن الصين والسوق الهندية التي تقع على أرضها أبرز المنافسات العالمية، وقد أوضحت التقارير السابقة تفوّق شاومي على هواوي في المركز الثالث خلال الربع الثاني من 2020 في أوروبا، وأضافت شاومي على أنها واحدةً من أفضل خمسة علامات تجارية من أصل 54 علامة أخرى، والعلامة الأفضل في 10 أسواقٍ تجارية.
وقد حاولت شاومي توسيع انتشارها في بلدانٍ متعدّدة، وهي الآن تحصد ثمار عملها، حيث أبلغت هذه الشركة عن ارتفاع مبيعاتها الخارجية للمرة الأولى على الإطلاق لتشكّل نسبة 55% من كامل المبيعات، وبالتالي فقد أصبح بإمكانها الاعتماد على أيّ قسمٍ من مبيعاتها سواءً الخارجية أم المحلية، وقد تم استخدام هذه الخطة في التقدّم مسبقاً من قبل هواوي، ليكون لها الفضل في الأرقام والإحصائيات الأخيرة لشركة شاومي.
كما اتّبعت شاومي تجارب مسبقةً للتعاون مع الشركات المسوّقة، والتي اعتمدت على ملء الفجوات التي خلّفتها هواوي في السوق بعد حرمانها من خدمات جوجل، وقد ذكرت شاومي على أنها تعاملت مع 50 شركةً من هذا النوع، تغطّي 50 بلداً بما فيه من شبكاتٍ محلية.
وهذا ما يعدّ فعلياً خطوةً ذكية من شاومي تؤمن من خلالها البدائل المميزة لإصدارات Lite من هواوي، وكذلك هواتف الفئة الدنيا Y، والهواتف الرائدة أيضاً.
الاستراتيجية الذكية:

أحرزت شاومي مع مرور الوقت الكثير من التقدّم بفضل توفيرها لهواتف الفئة المتوسطة في الأسواق العالمية، فضلاً عن تواجد ثلاثةٍ من هذه الهواتف ضمن قائمة أفضل 10 هواتف شائعة عالمياً خلال الربع الثالث لهذا العام 2020، كما لقيت هذه الهواتف نفس المصير في تصنيفات Canalys في الربع الأول من العام نفسه.
في حين واجهت شاومي تحدياتٍ بالغة في قسم الهواتف المميزة، لتحاول بعد ذلك إحداث فرقٍ واضح في هذه الفئة من الهواتف، حيث اعتبرت شاومي أن السلسلة Mi من أصناف الهواتف الذكية المميزة ذات السعر المعقول، كالهاتفين Mi 8 و Mi 9.
وقد تحدّث أحد أعضاء الإدارة لديها عن ارتفاع الأسعار بشكلٍ واضح خلال الفترة المقبلة والمنتجات القادمة للشركة، إلا أن هذا لا يعني بالضرورة الارتفاع المطلق.
ولهذا كانت سلسلة الهواتف Mi 10 التي تم إطلاقها في 2020، أعلى سعراً من سابقاتها، إلا أنها قد تجاوزت بعض الحدود السعرية المتوقّعة لها نوعاً ما، لتتراوح ما بين 600 و800 دولار في إصداراتها الصينية الأخيرة Mi 10 و Mi 10 Pro.
بينما لا زال تقديم الشركة للهواتف معقولة السعر أمراً لا بدّ منه، وهذا ما كانت عليه فعلاً السلسلة Mi 10T، مقابل أنها لا تقاوم الماء، ولا تحتوي الشاشات الأفضل على الإطلاق، وغير ذلك من الأسباب.
وتحتاج معظم الشركات المصنّعة الصاعدة إلى التنافس مع سامسونج وأبل ضمن الفئة المميزة من الهواتف لكي تستطيع الظهور في عالم الهواتف الذكية الأفضل، حيث بلغت الهواتف Galaxy S20 FE و iPhone 12 / iPhone 12 Mini مرحلة التوازن ما بين السعر والأداء، ولهذا ربما ينبغي على شاومي تقديم الهواتف المماثلة لكي تستطيع لفت انتباه العملاء إلى منتجاتها، بصرف النظر عن الهواتف الرائدة لدى أبل وسامسونج.
وقد جاءت Counterpoint ببعض الأخبار المشجّعة من هذه الناحية، حيث ذكرت في تقريرٍ لها بأن شاومي قد استحقّت الدخول في تصنيف أفضل خمسة هواتف، عندما كانت توفر لمستخدميها المنتجات من الفئة السعرية المتوسطة، خلال الربع الأول لهذا العام.
ومع أنها نالت الترتيب الخامس في بداية العام، إلا أنها جمعت 2% من مبيعات السوق، في وقتٍ بلغت به مبيعات هواوي 12%.

ماذا ستقدّم شاومي للعام المقبل 2021؟
في الواقع إن جائحة كورونا الجديدة وبعض العوامل الاقتصادية وضعف هواوي أمام العقوبات الأميركية، أدّت جميعها بالنتيجة إلى توفير الظروف المثالية لتقدّم العلامات التجارية الأخرى لتكن شاومي في هذه الأثناء في الوقت والمكان المناسبين، إلا أنها تحتاج إلى ترقية مستوى صناعاتها إلى الفئة المميزة لتستحق بذلك أن تكون إلى جانب أبل وسامسونج في تصنيع هذه المنتجات.
ويبقى السؤال الأكبر والأهم، هل تتمكّن شاومي من تثبيت نفسها في المركز الثاني في العام المقبل، وهذا يتوقف فعلياً على قرارات بادين –رئيس أميركا القادم- بشأن العقوبات، حيث أن عودة خدمات جوجل ستكون العامل المسبب الأكبر في تقدّم هواوي مجدداً، إلا أن ستحتاج حينها إلى استعادة ثقة العملاء.

فيما ستواجه شاومي منافساتٍ عدة من قبل سامسونج وهواوي وكذلك من قبل أوبو، ريلمي وفيفو خلال العام 2021، نظراً لأن العلامات التجارية الأخيرة لا تزال في البدايات حيث تم إطلاق فيفو الأحدث خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من هذا العام.
أما عن Realme فإن تركيزها الأكبر سيكون على تصنيع الهواتف ذات الفئة المتوسطة، وهذا ما قد يشكّل تهديداً معتبراً لحصة شاومي في سوق المبيعات العالمية، حيث امتدّت ريلمي مؤخراً في السوق الهندية وقامت بتوسيع نشاطاتها في أوروبا أيضاً.
بينما زادت شاومي استثماراتها للبحث والتطوير في الآونة الأخيرة، لتكشف بأنها قد أنفقت 1.14 مليار دولار خلال العام الماضي 2019، زيادةً على ما أنفقته أيضاً في 2018 بنسبة 29.7%، مع توقّع ازدياد الرقم إلى 1.5 مليار دولار في العام 2020، مقابل 15 مليار دولار كانت هواوي قد أنفقتها في العام الماضي 2019.
ومع ذلك من المتوقّع أن تقدّم شاومي تقنيات الشحن الأسرع، بالإضافة إلى كاميرات السلفي المدمجة تحت الشاشة، وتقنية UWB اللاسلكية، وذلك خلال العام المقبل 2021.