تم تجهيز معظم الهواتف الذكية المتوفرة حالياً بخاصية التقريب البصري، الذي أصبح واحداً من أهم المواصفات التي يمكن الترويج للهاتف من خلالها، إذاً ماذا تعني نسبة التقريب 100X، وهل يمكننا الوصول إلى هذا المقدار من التقريب فعليّاً، هذا ما ستتم مناقشته في مقالنا الحالي الذي سيحوي العديد من المفاهيم والمصطلحات التقنية.
التعاريف الأساسية لزوايا المشاهدة، والطول البؤري، والتجهيزات المكافئة لهذا البعد
يشير البعد البؤري focal length لعدسةٍ ما إلى مقدار المسافة ما بين العدسة والمحرق، وبالتالي فإن النظام البصري ذي البعد البؤري الكبير يستطيع تمرير الضوء لمسافة أكبر لما بعد العدسة، مما يعني المزيد من التركيز على التفاصيل وهذا بالضبط ما تعنيه زاوية المشاهدة الصغيرة، أو ما يُعرف باسم “التقريب القوي”.
مع الإشارة إلى أن البعد البؤري لا يرتبط بزاوية المشاهدة وحسب وإنما يتعلّق أيضاً بحجم المستشعر الذي يتوضّع خلف عدسة الكاميرا ويقوم بالتقاط الصور، حيث أن المستشعر الأصغر سيلتقط قسماً أصغر من الصورة التي يتم تصويرها افتراضيّاً، ما يؤدي بالنتيجة إلى الحصول على خاصية “المزيد من التقريب“، وبالتالي فإن زاوية المشاهدة الأصغر ترافق الطول البؤري المكافئ الأكبر.
ولعلّ هذه المواصفات هي من أكثر ما يتم التركيز عليه في عروض الهواتف الذكيّة، وذلك لأن الطول البؤري يتناسب طرداً مع زاوية المشاهدة، ما يجعله من أهم المواصفات التي يمكن من خلالها إجراء المقارنات بين كاميرات الهواتف الذكية وخواصها.
ماذا عن التقريب البصري؟
يقوم المقدار 35 مم من الطول البؤري المكافئ بتحديد الحجم الحقيقي لهدفٍ محدد يتم تصويره بحساس الكاميرا من مسافةٍ معينة، ليعني بذلك أن التقريب البصري هو مقدار قدرة الكاميرا على تحقيقها لزوايا الرؤية المختلفة أو حتى حجم الصورة الناتجة من خلال تغيير الطول البؤري.
وقد باتت نسبة البعد البؤري الأصغر إلى البعد الأكبر في الوقت الحالي السمة الأكثر شيوعاً في عالم التصوير، ليأتي النظام البصري بتقريبٍ رباعيّ يساوي إلى نسبةٍ ما من المجال المتراوح ما بين 25 و100 مم، وقد قامت الشركات المصنّعة حديثاً باستبدال القيم الحقيقة لهذه المقادير بقيمٍ تسويقيّة تساهم في جلب المزيد من الزبائن للهواتف الذكية، ليقع المستخدم في شباك الرقم الأكبر الذي يفوق ما تأتي به الهواتف المنافسة الأخرى.
ماذا يعني التقريب البصري 30X؟
امتلكت الهواتف الذكية ذات الفئة الأولى زوجاً من الكاميرات التي تعمل بالتقريب البصري المزدوج، لتبلغ الأطوال البؤرية للعدستين ما يقارب 25 و50 مم، ومن هذه النقطة بدأ تطوير المستشعرات التي تستخدم في إنجاز التقريب الجيد، لتصل نسبة التقريب في تطبيق الكاميرا أخيراً إلى المقدار 5X، وحينما بدأت هواتف LG الذكية تمتلك الكاميرات فائقة العرض تم تقدير زاوية التصوير الضخمة بالنسبة 0.5X أو 0.6X أي بمعنى أنه يجري التقاط الصور بهذه الكاميرا بشكلٍ يشابه لقطات الكاميرا الرئيسية بمعدّل 0.5X.
ويعدّ الهاتف Samsung Galaxy S20 Ultra مثالاً مناسباً على هذا الصعيد، حيث تقوم العدسات الخلفية لهذا الهاتف بإعادة إنتاج الأطوال البؤرية المكافئة من المقدار الأساسي 13 مم إلى المقدار 103 مم، لنحصل بذلك على التقريب البصري المضاعف إلى ثمانية أضعاف، الأمر الذي افتقرت له كافة الهواتف، ولكن لتفادي إغراءات التسويق علينا مراجعة تفاصيل الهاتف بشكلٍ جيد.
ولتوضيح ما قيل سابقاً، فإن التقريب البصري المضاعف إلى ثلاثة أضعاف يعني أن نسبة الطول البؤري الأكبر إلى الطول البؤري الأصغر تساوي إلى المقدار 3 بالضبط، وما جاء به الهاتف Samsung Galaxy S20 Ultra هو التقريب البصري المضاعف إلى النسبة 4X.
التقريب الهجين 100X
لتحقيق التقريب البصري 100X، سيتعيّن على الهاتف الذكي القيام بتعديل الطول البؤري من النسبة 13 مم إلى 103 مم، ومن ثم تغليف هذا التضعيف بالطول البؤري المكافئ 35 مم، وإذا ما كان هذا حقيقياً فإننا سنحصل على الحجم الكبير للصورة ونسبة الدقة الجيدة.
وعلى خلاف ما تأتي به الكاميرات الحقيقية من مقادير التقريب البصري، فإن النسبة 100X لا تتعلّق إطلاقاً بالقدرات البصرية لإعدادا الكاميرا. وقد قررت سامسونج إيصال الكاميرات خاصّتها إلى القدرة على إنتاج الحدّ الأعلى من التقريب.
ونسبةً لما جاءت به المقالات التي توضّح ماهية أنواع التقريب البصري والهجين، توصّلنا لنتيجة أن التقريب البصري الحالي يعني التقريب الرقمي القديم الذي استطاع إنتاج الطول البؤري الأكبر.
لذلك علينا تجنّب ما تذكره الشركات المصنّعة حول الهاتف ومعرفة القيم المهمة التالية للوصول إلى مستوى التقريب الحقيقي الذي ينتجه الهاتف الذكي، مع مراعاته للحفاظ على جودة الصورة المناسبة:
- أولاَ علينا التأكد بأن الطول البؤري المكافئ للعدسة المقرّبة يبلغ 35 مم.
- ومن ثم معرفة نوع المستشعر الذي تحتويه العدسة المقرّبة.
- وأخيراً سرعة التقاط العدسة المقرّبة.
حيث يأتي الطول البؤري المكافئ لعدسة التقريب والذي يصل إلى 35 مم بالمعلومات الكافية عن مدى قدرة الهاتف على تقريب الأهداف البعيدة بواسطة عمليات التقريب البصري.
حيث أنه في حالة الاختلاف الكبير ما بين التقريب البصري والتقريب المتوقّع يؤدي إلى لجوء الهاتف إلى إنجاز التقريب الرقمي بدلاً من ذلك على حساب جودة الصورة.
أما النقطة الثانية فتوضّح لنا أنه كلما كان مستشعر العدسة أكبر، سيجلب المزيد من الإضاءة إلى اللقطات، لإنتاج الصور بجودةٍ أفضل، حيث أن المستشعرات الكبيرة للغاية تقوم بإنتاج الصور التي تتمتّع بجودة ٍ أعلى عند تقريبها بصريّاً، وكذلك فإنها تقوم أيضاً بإعطاء فرصةٍ أخرى لإنجاز التقريب الرقمي الجيد.
أخيراً يمكن اعتبار شدّة الإضاءة من الأمور المهمة لعمل كاميرا التقريب، حيث يبيّن حجم الصورة مقدار الضوء الذي يمكن جلبه اثناء الالتقاط، علماً أنه كلما زادت كمية الإضاءة قلّ التشويش، كذلك وتقلّ أيضاً تبعات اهتزاز الكاميرا، الأمر الذي ينطبق بشكلٍ خاص على عدسات التقريب في الهواتف التي لا تمتلك المقوّمات الكبيرة في إعداد الكاميرا.
وبالطبع يمكن الحصول على جميع القيم السابقة من قراءة المواصفات العامة للهاتف، في حين أنه لا بدّ أيضاً من التطرّق إلى خوارزميات الكاميرا المسؤولة عن جودة الصورة بشكلٍ كبير.
مقارنة سريعة ما بين التقريب الرقمي والتقريب البصري
بالإضافة إلى النقاط التي ذكرت أعلاه، لا بدّ لنا من مراعاة بعض الحالات التي يمكن خلالها للتقريب الرقمي أن يتقدّم خلالها على التقريب البصري، ولتوضيح ذلك بالأمثلة، قامت سامسونج بإنتاج الهاتف Samsung Galaxy S20، مع نسبة التقريب البصري الهجين 3X، حيث جاءت كاميرا التقريب خاصته بدقة 64 ميجا بكسل، وعملت على إنجاز التقريب البصري بنسبة 1.06 مقارنةً بما أنتجته الكاميرا الرئيسية، بينما حافظ التقريب الهجين على نسبة 2.94 معتمداً على التقريب الرقمي.
وبالتالي فإن التقريب الرقمي لهذا الهاتف قد يأتي بنتائج أفضل مقارنةً بالكثير من خيارات التقريب البصري المتاحة، حيث عملت عدسة التقريب بفتحة 1/1.72 إنش، لتوفير التقاط الأهداف بإطارٍ تبلغ مساحته 40 مم مربع، وفي حال قمنا بتقسيم فتحة المستشعر إلى تسعة مستطيلات متساوية الحجم فإن المستطيل المركزي سيأتي بفتحةٍ تبلغ 1/4.4 إنش، الحجم الذي وفّرته Huawei في هاتفها الرائد P20 Pro.
وباختصار يمكننا القول ان المستشعر الكبير مع التقريب الرقمي الجيد، يمكنهما معاً تقديم النتائج الأفضل مقارنةً بمستشعرات صغيرة الحجم تستخدم التقريب البصريّ، ما يعني أن حجم المستشعر هو النقطة الأهم في هذا المجال إلا أن التقريب البصري لا زال يعود على الصور بالميزات الكافية.
الهاتف الذكي ذي التقريب البصري الأفضل
بالنسبة لهواتف سامسونج فقد تم التوصّل أخيراً أن الهاتف Samsung Galaxy S20 Ultra يقدّم النتائج الأفضل من ناحية المستشعرات ونسب التقريب البصري المتوفرة.
أما للحديث عن نسبة التقريب 100X فقد أنتجت سامسونج مستشعراً كبيراً وقامت بدمجه في إعداد الكاميرا في هاتفها الرائد S20 Ultra، وقد كان هذا المستشعر يمتلك الحجم الكافي لجلب الإضاءة المناسبة للصورة عبر فتحة الالتقاط الضيّقة، مع الإشارة إلى تدنّي جودة الصور التي تستخدم هذه النسبة الكبيرة من التقريب.